ماذا عن بدء واشنطن تنفیذ تهدیدها بسحب الباتریوت وعسکرها من السعودیّة؟

asdasd
معرف الأخبار : ۹۱۰۴۷۷

لا تلتفت الرياض في عادتها، للتّعليق على التقارير الإعلاميّة أو تلك تحديدًا التي تحمل تسريبات، تتعلّق بجبهتها الداخليّة، أو على صعيد حُروبها الخارجيّة النفطيّة أو العسكريّة، وتترك للجدل والتحليلات مكاناً واسعاً، في أذهان الصحف، ومُراسليها، فالمملكة كما تقول ترفض التدخّل في شُؤونها.

مشهدٌ يبدو أنّه أثار حفيظة العربيّة السعوديّة، ودفعها للتعليق بالنّفي، فأخيرًا كانت قد نقلت وكالة “رويترز” عن مصادرها، عن مكالمة جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ترامب مارس وقاحةً مُنقطعة النظير، هدّد الرئيس الأشقر وليّ العهد السعودي الحاكم الفِعلي للمملكة، بأنّه لن يكون قادراً على منع المُشرّعين الأمريكيين من تمرير قانون لسحب القوّات الأمريكيّة من بلاده، في حال لم تتّجه السعوديّة لخفض إنتاج النفط ضمن معركتها مع روسيا، والذي وضع سعر برميل النفط، مُقابل سعر وجبة سريعة أو أقل.

سارعت الرياض هُنا إلى التوضيح، ويعد توضيحاً نادراً منها، حيث المشهد يتعلّق بالأمير محمد بن سلمان، حيث حليفه الأمريكي بحسب “رويترز” هدّده صراحةً، لدرجة أنّ الأمير طلب من مُساعديه مُغادرة الغرفة، لكي يُواصل النقاش مع ترامب، وتضمّن التهديد سحب القوّات الأمريكيّة من المملكة، وأنظمة الدفاع المُضاد للصواريخ باتريوت، ونفيٌ لافتٌ سُجّل أمام هذا على لسان الناطق باسم سفارة المملكة في واشنطن فهد ناظر في تغريدةٍ على حسابه في “تويتر”.

التقارير بحسب ناظر، “لا تعكس حالة الاحترام المُتبادلة، التي تقوم عليها العلاقات السعوديّة الأمريكيّة من جهة، وتجمع بين الأمير محمد بن سلمان، والرئيس ترامب من جهةٍ أخرى”، وأشار الناطق في تغريدته أنّ التقارير الإعلاميّة “تحمل مزاعم غير صحيحة”.

النّفي السعودي لمُجريات المُكالمة التي حملت تهديدًا، قد يُبقي علامات الاستفهام والتساؤلات حوله مفتوحةً، وحقيقة ما جرى بين الحليفين، وشكل ونوعيّة حالة “الاحترام المُتبادلة” التي وصفها الناطق فهد ناظر، فالسعوديّة، وبعد التّهديد المزعوم من ترامب، وفي أقل من عشرة أيّام اتّفقت مع روسيا على أكبر خفض تاريخي مدروس لإنتاج النفط الخام، بل إن ترامب تباهى بشكلٍ غير مُباشر بقُدرته على إيقاف الخلاف بين السعوديّة وروسيا، ولم يتطرّق بحسب “بلومبيرغ” الأمريكيّة إلى الأساليب التي استخدمها حتى دفع بالمملكة للاتّفاق، وهو ما يعني حُكماً أنّ المملكة نفّذت مطالب ترامب، بغض النّظر عن لهجة الطّلب الأمريكيّة.

ويبدو أنّ “عُمق ورسوخ” العلاقات السعوديّة الأمريكيّة الاستراتيجيّة المُمتدّة إلى نحو 75 عاماً بين البلدين، والتي تحدّث عنها الناطق باسم السفارة السعوديّة في واشنطن، لم تشفع للرياض أمريكيّاً، إغراقها الأسواق بالنّفط الخام، والذي دفع وزير الماليّة السعودي لاحقاً للحديث عن مرحلة شد الأحزمة، وتطبيق إجراءات صارمة، يتخوّف السعوديّون أن تحمل لهم مزيداً من ارتفاع الأسعار، والضرائب، وإيقاف المشاريع الحكوميّة، وتحميل فيروس كورونا المسؤوليّة الأولى في ذلك الشّأن، وسط تأثّر أهداف رؤية 2030 المُلاحظ، حيث الإيرادات النفطيّة، وغير النفطيّة تواصل تسجيل تراجعٍ ملحوظ، مع اتّجاه المملكة للاقتراض، وارتفاع المصروفات والدّين العام.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكيًة المُقرّبة من دوائر صنع القرار في الإدارات الأمريكيّة، نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إنّ الولايات المتحدة عمدت إلى سحب بطاريات صواريخ باتريوت والعشرات من عسكرييها من السعوديّة، كما تدرس تخفيض قُدرات عسكريّة أخرى هناك.

وبحسب الصحيفة فإنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة، قامت بسحب التعزيزات والعسكريين، الذين كانت قد أرسلتهم في أعقاب الهجمات التي استهدفت منشآت النفط السعوديّة العام الماضي من قبل الحوثيين.

اللّافت أنّ المسؤولين الأمريكيين، أشاروا في تقرير الصحيفة الأمريكيّة المذكورة، أنّ القوّات الأمريكيّة تبحث تقليل انتشارها البحري في مياه الخليج، وهذه الخطوات التي تقوم بها وزارة البنتاغون، وفق تقديرات تقول إنّ إيران لم تعد تُشكّل تهديدًا استراتيجيّاً لمصالح واشنطن، وهذا الانسحاب الأمريكي، يفتح باب التساؤلات، حول توقيت تنفيذه، والذي جاء تنفيذًا لتهديدات ترامب التي وجّهها للأمير بن سلمان في حال لم تُخفّض السعوديّة إنتاج النفط، بالرغم من تراجع بلاده عن إغراق الأسواق، ويطرح تساؤلات أخرى حول المطلوب من المملكة النفطيّة، لكي تُعيد ثقة حليفها الأمريكي بقيادتها، في ظل تقديرات استخباريّة تقول بأنّ إيران لم تعد تهديدًا استراتيجيّاً لواشنطن، رغم أنّ لهجة التهديد بين الأخيرة وطهران آخذةٌ بالتّصعيد والوعيد مُؤخّراً.

وكان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، قد قرّر سحب منظومات دفاعيّة من الكويت والبحرين والأردن، وهو ما فتح باب الجدل واسعاً في حينها حول أسبابها وتوقيتها، وما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكيّة تتّجه للتخلّي عن حُلفائها المذكورين، أو أنها تُمارس ضغوطاً عليهم، لتمرير المزيد من شراء عُقود صفقات أسلحة، وتمرير صفقة القرن فيما يتعلّق بمواقف الأردن والكويت المُتشدّدة نسبيّاً من الصفقة، وهو ما قد يفرض على تلك الدول إلى جانب السعوديّة التي يبدو أنّ الأمريكيين بدأوا التخلّي عنها، مُراجعة خارطة تحالفاتهم، وفتح باب الحوار لخُصوم اليوم.

رأي اليوم

endNewsMessage1
تعليقات